من قتل عليا؟

 


بقلم : نعمه العبادي

قد يكون السؤال ساذجا للوهلة الاولى ونحن نسأل عن قاتل امير المؤمنين عليه السلام بعد اربعة عشر قرن وبعد هذه الشهرة الكبيرة للقاتل المباشر اللعين عبد الرحمن بن ملجم المرادي الخارجي ولكن الحقيقة ان امر اعمق بكثير من هذا التصور ؛فالامر ليس محاولة بحثية مشاكسة بل ان هناك نص واضح وصريح في معظم زيارات امير المؤمنين عليه السلام تتضمن عبارة "لعن الله قتلة امير المؤمنين" اذن هم قتلة وليس قاتل واحد.

في الادبيات الجنائية سماوية او وضعية هناك تقسيم لدرجة القتل بحسب المباشرة إذ ينقسم القاتل الى المباشر الذي يكون اقرب القتلة لمباشرة القتل وغير المباشر وهناك تقسيم بحسب حصة القاتل من سبب القتل حيث ينقسم الى القاتل الرئيس والمشارك وقد يحكم على المشارك بنفس الحكم او بدرجة اقل.

المهم هو تصنيف المباشر وغير المباشر فقد تكون جناية غير المباشر اشد والحكم عليه اكبر وانه السبب الاكثر تأثيرا كعاقل بالغ يعطي مجنونا او طفلا ويدفعه لقتل شخص آخر.

في معظم القراءات التي تتحدث عن مقتل امير المؤمنين تنسبها للخوارج هذه الفئة المعروفة بانها فئة لها عبادة ظاهرية شكلية مع غياب وعي اوقعها في دائرة الاشتباه بسبب مسلكها الظاهري الذي ورطها به دهاة السياسة بحيث صارت تنادد امير المؤمنين ومعاوية على حد سواء ولا حاجة لسرد حيثيات قصة التحكيم ومقولة ما الحكم إلا لله.

المرادي اللعين هو القاتل المباشر الذي ازهق روح الامام بضربته البغيضة ولكن خلف وحول ابن ملجم قائمة طويلة يدخل فيها عدد كبير من الشخصيات والاتجاهات تنضوي ضمن قتلة امير المؤمنين حقيقة لا مجاز وهم كل من:

- قتله الخوارج بجمودهم الظاهري وانصياعهم او تواطئهم بمؤامرة لعبة الحق والباطل.

-قتله الذين جهزوا ومولوا ودعموا وحرضوا وسهلوا تحرك المجرم وحمايته.

-قتله دعاة ومخططي ومنفذي ومشجعي إلعوبة التحكيم ومكر رفع المصافح وما تابعها.

- قتله معاوية بن ابي سفيان في منازعته للحق ومواجهته لمشروعه الالهي.

- قتله عمر بن العاص وكل فريق الخديعة والسوء.

- قتله الذين وقفوا الى جانب معاوية وعسكره ومكنوه ودعموه.

- قتله الذين ولوا معاوية ووضعوه على بلاد الشام وكانوا السبب الحقيقي في تمكينه ليكون بوابة الشر على المسلمين.

- قتلوه الذين اشاروا واقترحوا وسببوا في وصل خط معاوية لمكانه.

- قتله الذين عارضوا وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بيعة الغدير وابعدوا الحق عن اهله وحالوا بين الامام وبين اكمال مشروع الرسالة في بعدها التطبيقي من خلال الممارسة المباشرة للحكم والولاية.

- قتله الذين كانوا يحوكون له الدسائس ويحملون له الضغينة وكانوا معسكرا للتأليب عليه.

-قتله كل الذين ساهموا في الاجهاز على مشروع الرسالة ومنعوا من تطبيقه.

- قتله قتلة النبي صلى الله عليه واله وسلم.

- قتله كل قتلة الانبياء والرسل والاولياء.

-قتله كل الذين سمعوا ورضوا بفعل الطوائف السابقة وشجعوا عليها او تساهلوا معها.

ختاما هناك حديث يطرح بسذاجة يتعلق بتناسي التاريخ او عدم التوقف عنده ويتهم البعض بأنهم يدورون في فلك الماضي.

هذه الفكرة فيها خليط كبير بين العقول والافكار التي لا تستجيب للتطور ولا تغادر الماضي رغم تقدم الحاضر وبين اصحاب العقلية الارتكاسية الماضوية التي تعيد تفسير الحدث في ظل محدد تاريخاني جامد وبين فريق آخر يدرس التاريخ في محاولة بناء لهرم الاحداث وسلسلة تواصلها والبحث في حركة العلل والتداعيات وحدود المسؤوليات والمواقف وتوظيف ذلك في حركة الحاضر والمستقبل.

عظم الله اجوركم واجورنا بشهادة امير المؤمنين عليه السلام وكتبكم من احبة علي دنيا وآخرة.

أحدث أقدم