الكتابة والكتاب في النجف الاشرف

 


الأستاذ الدكتور :صادق المخزومي

اشتهرت النجف- بما لا تماثلها مدينة - في الكتابة وتأليف الكتب، وإذ تطلعت في الفترة المظلمة التي وسمت حكم الدولة العثمانية وجدت السبات والركود يعم البلاد العربية إلا في النجف التي ظلت شرفة إشعاع معرفي، وبخاصة بعد تأصيل مدرسة النجف العلمية على عهد المرجع محمد مهدي بحر العلوم (-1212هـ/ 1797م) طفقت الموسوعات المعرفية في العلوم الدينية، وتحركت سارية الشعر والادب.  

من نوادر الكتب والمكتبات إنّ الشيخ علي آل كاشف الغطاء (-1350هـ/ 1931م )[ابن محمد رضا ابن الشيخ موسى ابن الشيخ جعفر الكبير] بحسب علي الشرقي: دخلت على الشيخ- وهو من الغلاة في الكتاب والكتابة- في مكتبته، فوجدته جالسا على الأرض، وأمامه طاولة صغيرة، عليها كتاب مفتوح ومحبرة، وقد شد على عضده مساطر خفيفة من الخشب شدا محكما، يمنع الرعشة التي في يده؛ لأنه شيخ وهنت قواه، وقد شارف على التسعين من عمره، وكان في يده قلم من الخيزران القوي، وكان مشغولا في النسخ ... كان يكتب تراجم العلماء والادباء في طبقات الشيعة، واتفق أن يخرج الى الجامع عند بزوغ الفجر، فيصادف في طريقه أحد الفضلاء، يفاجئه بنبا وفاة أحد المشاهير من حملة العلم والادب، فيتلقى التعزية، ثم يترك اتجاهه الى المسجد راجعا الى بيته ومكتبته، ويزين الكتاب بترجمته، وتدوين تاريخ الوفاة .

أقول: وهكذا عاصرنا وشاهدنا العلامة الشيخ أغا بزرك الطهراني (-1970م) وهو يشد القلم على يده المرتجفة بفعل الشيخوخة وطيلة زمن الكتابة، وهو يكتب موسوعاته في طبقات الرجال وتاريخ التصنيف.

.........................

*الأحلام، ص172.

المخزومي، معجم الأصناف النجفية (ك ت ب)

أحدث أقدم