مسؤول اميركي رفيع يكشف تفاصيل مثيرة عن مؤتمر التطبيع في أربيل

 المرايا – خاص

كشف السفير دينس روس المدير الأول للمنطقة الوسطى في "مجلس الأمن القومي" الأميركي والمهندس الأول لما يسمى   لعملية السلام في الشرق الأوسط تفاصيل مثيرة عن  ما يعرف ب (مؤتمر التطبيع ) الذي عقد في أربيل في 24 أيلول/سبتمبر الماضي  وقال روس في مقال نشرته مجلة  ( فورين بوليسي ) الأميركية ان المؤتمر عقد بعد حوارات ونقاشات معمقة مع الأطراف المشاركة وبدعم أميركي مباشر من اجل توسيع اتفاق ابراهام .

  

دينس روس

من هو دينس روس :

السفير دينس روس هو مستشار وزميل "ويليام دي فيدسون" المتميز في معهد واشنطن. وقبل عودته إلى المعهد في عام 2011، شغل لمدة عامين منصب المساعد الخاص للرئيس أوباما والمدير الأول للمنطقة الوسطى في "مجلس الأمن القومي"، وكمستشار خاص لوزيرة الخارجية هيلاري رودهام كلينتون لمدة عام.

 

واضطلع روس لأكثر من اثني عشر عاماً بدورٍ ريادي في رسم معالم الدور الأمريكي في عملية السلام في الشرق الأوسط وفي التعامل المباشر مع أطراف المفاوضات. وروس دبلوماسي بارع كّلفته الولايات المتحدة بقيادة دفة عملية السلام خلال حكم إدارتَي الرئيس بوش والرئيس كلينتون. وقد أدّى دوراً محورياً في المساعدة على التوصل إلى "اتفاقية أوسلو الثانية" عام 1995 بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ؛ كما توسّط بنجاح للتوصل إلى "اتفاق الخليل" عام 1997 وسهّل معاهدة السلام التي أُبرمت بين الأردن وإسرائيل عام 1994 ودأب بجدٍّ على التوفيق بين إسرائيل وسوريا.


أعلم أنه في الوقت الذي يمكن فيه للحكومات المساعدة على إنهاء الصراعات وإضفاء الطابع الشرعي على عملية السلام، إلا أن صناع السلام الفعليين هم الناس. ويمكن للقادة أن يدعوا إلى المصالحة، ولكن تحقيق ذلك لا يمكن أن يأتي إلا من أسفل الهرم إلى أعلاه وليس عكس ذلك. دينس روس  


وروس باحثٌ ودبلوماسي له خبرة طويلة في السياسات السوفيتية والشرق أوسطية تمتد على أكثر من عقدين، عمل خلالهما عن كثب مع وزراء الخارجية الأمريكية جيمس بيكر ووارن كريستوفر ومادلين أولبرايت. وقبل تولّيه وظيفة المنسق الخاص لشؤون الشرق الأوسط في ظل إدارة كلينتون، شغل روس منصب مدير "فريق التخطيط للسياسات" في وزارة الخارجية الأمريكية خلال فترة حكم الرئيس بوش حين اضطلع بدورٍ بارز في السياسة الأمريكية تجاه الاتحاد السوفيتي السابق وفي توحيد ألمانيا وانضمامها إلى حلف "الناتو"، كما وفي مفاوضات ضبط السلاح وفي تحالف القوات خلال "حرب الخليج" عام 1991.

 

مقال روس في فورين بولسي

نشر السفير دينس روس مقاله في الثلاثين من ايلول الماضي في واحدة من اهم واشهر الدوريات الأميركية التي تهتم بالشؤون السياسية ليس في الولايات المتحدة وحدها بل في العالم و مجلة  (فورين بوليسي )  التي تصدر كل شهرين. أسسها سنة 1970 صامويل هنتغتون و وارن ديميان مانشل. تنشر المجلة سنويا مؤشر الدول الفاشلة.


مؤتمر التطبيع في أربيل 


كيف وصف روس مؤتمر اربيل

يصف دينس روس المؤتمر بأنه  "قمة مؤيدة لإسرائيل في أربيل تقتحم آفاقاً جديدة"  هكذا عنون المقال الذي يوحي بالعمل المستمر لتحقيق الاختراق نحو (التطبيع)  ويقول ان   المؤتمر اجتمع 312 عراقياً  في  حدث استثنائي.  غالبيتهم من السنة ولكن أيضاً من الشيعة، من المدن والبلدات في جميع أنحاء البلاد - لإصدار مطالبة بدخول بلادهم في علاقات مع إسرائيل وشعبها في إطار "اتفاقيات إبراهيم"، وبين ان المؤتمر [الذي حمل إسم "السلام والاسترداد"]  ضمّ المشاركون في المؤتمر زعماء دينيين، ومحتجين من الشباب، وأساتذة جامعات. كان من ابرزهم الشيخ السني وسام الحردان، الذي تتألف حركة "صحوة أبناء العراق" التي ينتمي إليها من رجال عشائر سنّة واجهوا، بدعم من القوات الأمريكية كلاً من تنظيمي «الدولة الإسلامية» و«القاعدة» في ساحة المعركة. وكان ذلك ما أشار إليه الحردان عندما قال في المؤتمر: "لقد أظهرنا بالدم والدموع منذ فترة طويلة أننا نعارض جميع المتطرفين، سواء كانوا جهاديين سنة أو مليشيات شيعية مدعومة من إيران".

 

 

وتابع الحردان قائلاً: "كما أظهرنا وطنيتنا: لقد ضحينا بالأرواح من أجل عراق موحد، ونطمح إلى تحقيق نظام حكم فيدرالي على النحو المنصوص عليه في دستور أمتنا". وهو الآن يسعى إلى الترويج لعراق يقوم على التعايش محلياً وعلى مستوى المنطقة. وبالنسبة للمشاركين في المؤتمر، يتطلب ذلك التواصل مع الإسرائيليين الذين تنحدر عائلاتهم في الأصل من العراق. 

 وقال روس ان من بين المشاركين اللواء عامر الجبوري (عضو بارز في الجناح الشيعي لعشيرة الجبور)، والمسؤولة الثقافية سحر كريم الطائي

 

كيف تم تنظيم المؤتمر ؟

يسرد المقال الكيفية التي تم في ها تنظيم المؤتمر من خلال الإجابة على التساؤل التالي :

(إذاً كيف تمّ تنظيم هذا الحدث غير المسبوق بقيادة المجتمع المدني؟ إن منظم الحدث على أرض الواقع هي منظمة غير حكومية أمريكية صغيرة، تُدعى "مركز اتصالات السلام"، بقيادة مؤسسها ورئيسها جوزيف براودي. وتتمثل رسالة المنظمة في تعزيز العلاقات بين العرب والإسرائيليين. (الإفصاح الكامل: أنا أعمل كرئيس مجلس إدارة هذه المنظمة الصغيرة غير الربحية). وتنحدر عائلة براودي في الأصل من العراق، كما أن جد جدّه كان الحاخام الأكبر لبغداد. وعلى غرار الكثير من أبناء الجالية اليهودية في بغداد، خسر أجداده في عام 1950 جميع أملاكهم وأصولهم، وسُحبت عنهم جنسيتهم العراقية، وخُتِمت وثائقهم بعبارة "تحظر عودتهم إلى العراق". وقد توجهوا إلى إسرائيل حيث بقي بعض أفراد العائلة في حين انتقل آخرون، بمن فيهم حفيدهم جوزيف، إلى الولايات المتحدة.   )     

تفاصيل الاعداد والانعقاد

و يكشف كاتب المقال ان "مركز اتصالات السلام" الذي يرأسه جوزيف براودي يركّز على تعزيز الروابط بين الشعوب والثقافات في الشرق الأوسط، وليس الحكومات. اذ   انبثق مؤتمر إربيل عما يرغب براودي بتسميته بـ "الدبلوماسية الاستكشافية".  اذ ان ممثل "المركز" في العراق سهّل شنّ حملة واسعة من التوعية العامة، شملت أعضاء من حركة "الصحوة" وعشيرة الجبور، لتعزيز هذه الجهود. وقد ناقش براودي والحردان وشيوخ القبيلة مبادئ عامة وفكرة عقد اجتماع للعمل وفقاً لتلك المبادئ. وقد عملوا معاً لوضع وثيقة يتمّ إصدارها خلال المؤتمر. كما انضم الحردان ونظراؤه في ما مجموعه ست محافظات - بغداد ونينوى وبابل وصلاح الدين وديالى، بالإضافة إلى محافظة الأنبار - لإعداد المؤتمر والمشاركة فيه، ووضع مفاهيم لاجتماعات المتابعة مع الإسرائيليين. (هناك قبائل متعددة في العراق من بينها، وأبرزها قبيلة الجبور، جناحان سني وشيعي).  وقد انضم لاحقاً إلى هذه القاعدة القبلية محركو احتجاجات الشباب الحضري في الفترة 2019-2021 (ما يسمى بثورة تشرين الأول/أكتوبر) والمثقفون.

ويتابع انه من الواضح أن جميع من شارك في هذا المؤتمر يتمتعون برؤية للمستقبل. وقد عكست إلى حدّ كبير ما سمعوه خلال المؤتمر من حيمي بيرس، نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل شمعون بيرس، الذي يرأس "مركز بيرس للسلام والابتكار". ومن خلال الفيديو، توجه بيرس الابن إلى المجتمعين وتحدث عن المشاريع المشتركة التي يمكن إطلاقها لتحسين حياة الجميع في الشرق الأوسط. ويدرك المشاركون في المؤتمر أن هناك الآن مساران مختلفان للمنطقة. مسار راسخ في "اتفاقيات إبراهيم" يروّج للتطور؛ واقتصاديات قائمة على المجال الرقمي؛ والتقدم العلمي؛ والأمن الغذائي والمائي والصحي؛ ومستقبل تكون فيه الحياة أفضل ويعيش فيه الناس بسلام بصورة آمنة. وتُعتبر البحرين والمغرب والسودان والإمارات خير دليل على هذا المسار. أما المسار الآخر فيقدّم صراعاً مستمراً. وهو ليس قائماً على التقدّم بل على "المقاومة"، بما يضمن فشل الدول أو سيرها على طريق الفشل حيث، كما هو الحال في لبنان وليبيا واليمن، تتّم التضحية بالاحتياجات الأساسية للشعب من أجل أولئك الذين يمسكون بزمام السلطة ويستخدمون أيديولوجية الرفض لحمايتها. إنه مسار يضمن استمرار الماضي ويكفل مستقبلاً مليئاً فقط بالصراعات واليأس والإحباط.


وقد انضم لاحقاً إلى هذه القاعدة القبلية محركو احتجاجات الشباب الحضري في الفترة 2019-2021 (ما يسمى بثورة تشرين الأول/أكتوبر) والمثقفون

 

العمل المستقبلي

ويسعى رواد المؤتمر الآن إلى تشكيل مجموعات عمل معنية بالمتابعة مع جماعات إسرائيلية من المجتمع المدني، بدءاً بـ "مركز بيرس للسلام والابتكار" فضلاً عن صحفيين وأكاديميين.  يقول دينس روس : " لقد عملتُ لعقود من أجل تعزيز السلام العربي-الإسرائيلي، بما في ذلك كمبعوث للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وأعلم أنه في الوقت الذي يمكن فيه للحكومات المساعدة على إنهاء الصراعات وإضفاء الطابع الشرعي على عملية السلام، إلا أن صناع السلام الفعليين هم الناس. ويمكن للقادة أن يدعوا إلى المصالحة، ولكن تحقيق ذلك لا يمكن أن يأتي إلا من أسفل الهرم إلى أعلاه وليس عكس ذلك. " 

الدعم الأميركي

قد اختار المشاركون في مؤتمر أربيل المسار الأول. وصحيح أنهم سيواجهون تهديدات من إيران والميليشيات الشيعية، إلا أنهم لا يتوقعون من الآخرين الدفاع عنهم، لكنهم يعتمدون على دعم أمريكا، وهم بالتأكيد يستحقون ذلك.

 

مجلة فورين بولسي

وإذا كان بالإمكان استقاء أي عبرة من تدخلات أمريكا في الشرق الأوسط، فهي أنه لا يمكن للأمريكيين أن يفرضوا قيمهم، أو يعيدوا تشكيل المجتمعات، أو يصنعوا السلام من الخارج. لكن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية تقديم الدعم العملي والمادي للذين سيدافعون عن أنفسهم ويجسدون القيم ذاتها التي يؤمن بها الأمريكيون.


اعداد: المرصد في مركز المرايا للدراسات والإعلام   

المصدر : مجلة فورين بولسي الأميركية 

 

أحدث أقدم