بعاطفتها، يستنشق الكونُ الحياةَ

 


علياء الانصاري

عندما كنتُ فتاة صغيرة، طالما سمعت هذه العبارة: المرأة ضعيفة لإنها عاطفية.

المرأة عاطفة، والرجل عقل!!

وعندما بدأ الزمن يتراكم في أيامي، أدركت (فساد) هذه المقولة.

لأن المرأة قوية بعاطفتها. العاطفة هي التي تجعل الانسان قويا وليس العقل، نعم العقل قد يعطي الحكمة لبعضهم، ولكنه لا يعطي القوة.

عاطفة المرأة هي التي تجعلها تتحمل صعوبات الحياة، تتحمل سوء خلق زوجها لأجل الحفاظ على اسرتها، تتحمل مشاق الحمل والوضع والسهر ليلا والتربية والترقب حتى يكبر أولادها.

العاطفة هي التي تجعلها تسامح، وتغفر، وتمد جميع من حولها بالأمل والقوة.. 

المرأة هي الوحيدة القادرة على جمع عدة مناصب في آن واحد: منصب الأم ومسؤولياتها ومنصب الزوجة ومسؤولياتها ومنصب ربة البيت ومسؤولياته ومنصب العمل خارج المنزل ومسؤولياته، ومنصب الممرضة في رعاية المرضى في الاسرة من الصغار والكبار، تقوم بعدة أدوار وبجملة من الاعمال خلال 24 ساعة.. ولن تجدوا مخلوقا أخر غيرها قادر على ذلك.. ولولا عاطفتها لما استطاعت فعل ذلك.

وعندما أتأمل في شأن (عاطفتها).. أجدها، تحمل همّ أبيها وأخيها منذ صغرها، سواء كانت البنت الكبيرة أم البنت الصغيرة، يبقى قلبها يحرس ذلك الأخ، يمدّه بالرعاية والاهتمام والدعاء، تتنفس العالم من خلال رئتيه..

ثم تكبر، فينشق قلبها الى نصفين، عندما تغادر بيت أهلها لتبدأ حياة اسرية جديدة.. تترك نصف قلبها عند أهلها، والديها واخوتها، والنصف الآخر تهبه لرجل جديد..

يالهي، رجل آخر يضاف الى القائمة، هل يسع قلبها رجلا آخر بعد الاب والاخ وبقية تفاصيل العائلة..

نعم، هو يسع.. ذلك القلب يسع.. فتبدأ بالتفكير والرعاية والحبّ لمخلوق آخر يضاف الى قائمة معشوقيها.

وما هي إلا فترة، ويبدأ القلب يكبر، عندما يدغدغ عاطفتها، صوت جديد، مليئ بالحياة والحب.. عندما تصبح أما.. ستكبر عاطفتها، وسيضاف الى قائمة المعشوقين، مخلوقا آخر.

العجيب في هذا القلب، انه لا يصغر بزيادة عدد ساكنيه، لا تقل مساحته بزيادة عدد من يقطنه، بالعكس، كلما زاد عددهم كلما أتسعت مساحته!!

فهي مازالت تفكر بابيها واخيها حتى وان كبر وتزوج وأصبحت له حياته الخاصة، مع تزامن تفكيرها وقلقها على زوجها وأولادها.

اخبروني، هل بإمكان قلب (كقلب المرأة) أن يفعل ذلك؟

الأنثى: كائن عجيب.. معجون بالحبّ، جدير بالاهتمام..

ممكن للمرأة ان تنسى وتسامح لمجرد كلمة طيبة تسمعها من أخيها بعد زمن هجر وقطيعة.. ما أن تراه حتى تنسى.

ممكن للمرأة ان تسامح كل اساءات زوجها، اذا سمعت منه كلمة طيبة او رأت منه أهتماما ومشاعر دافئة.. تنسى، وتمسح دموعها، لتستأنف الحياة.

كلما تقادم الزمن، كلما أدركت: بأن الله حبانا نحن (الاناث)، موهبة عظيمة، في قدرتنا على الحبّ والعطاء والتسامح.. بأمكاننا أن نكون أبنة واخت وزوجة وأم في آن واحد.. وبنفس القدر من الحبّ والاهتمام، وهذا ما لا يقدر عليه أحد غيرنا.

لذلك المرأة قوية بعاطفتها النابضة بالحبّ..

الضعيف، من عجز عن حبّ الآخرين والاهتمام بهم ورعايتهم ..

الضعيف، من عجز عن العطاء لغيره، من لم يكن خيرا ونفعا لاهله.

الكون، يستنشق وجوده من الحبّ، والمرأة بعاطفتها هي الأقوى.

إذن.. لا كون ولا حياة بدون عاطفتها.

أحدث أقدم