المشخاب لؤلؤة الفرات الاوسط

 


عبدالزهرة تركي الفتلاوي

تقع منطقة المشخاب اسفل الهضبة الغربية جنوب النجف .تمتد على ضفتي نهر الفرات بطول خمسة وعشرين كيلومتر وعرض خمسة عشر كيلومتر انها ارض خضراء هي واحة عراقية جميلة تغفو حالمة سعيدة . سلة خبز عراقية دائمة العطاء . سماتها بطولة ومجد وحضارة وعنوانها سنبلة وراية ودلة. بقعة من بلادي قطعة من فؤادي عطاؤها وفير وخيرها كثير عرفها الناس بأنها أرض العنبر الخضراوي . تتخلل ربوعها شرايين الماء العذب الزلال . انها ارض باركها الرب صيفها شلب وتمر وشتاؤها حنطة وشعير . هي العروبة في اعمق جذورها والاخلاق في ارق عوالمها. تقاليدها عريقة وجمالها ساحر . هي الماء والخضرة والوجه الحسن .نخيلها رافع هامته يحكي شموخ بلادي في وجه العاديات وماؤها المتلاطم يعزف سمفونية الحياة . انها واحة السنابل الذهبية . عرفت هذه المنطقة في ماضي التاريخ السحيق بأسماء عديدة منها . المنخفضات البابلية – منطقة البطائح- ارض سواد الحيرة- السوارية - الفيصلية ومن اشهر اسمائها المشخاب وهو عنوان للمقاطعة كلها واسم للمدينة التي تشكل مركزها واشتهر هذا الاسم منذ منتصف القرن التاسع عشر .( بلغت واردات منطقة البطائح في زمن معاوية بن ابي سفيان نحو خمسة عشر مليون درهم ) وقال احد التقارير البريطانية (ان المشخاب حديقة العراق فهي تنتج نحو عشرين في المئة من مجموع انتاج الرز في العراق )

 وبلغت واردات الحكومة في العام 1882 من منطقة المشخاب مليوني كفة من الشلب وهي كمية الضرائب وحسب .ويعتبر الرز العنبر الخضراوي واحدا من افضل انواع الرز في العالم واطيبها مذاقا. وبلغت مساحة الارض المزروعة منه اكثر من 37 الف دونم ويبلغ معدل انتاج هذه الارض المعطاء25 الف طن من الشلب و18 الف طن من الحنطة وحوالي 4 آلاف طن من التمور سنويا . وساهمت المشخاب في معارك الجهاد الوطني من اجل التحرير والاستقلال ونذكر من امجادها الخالدة دورها في انتفاضة سنة 1913ضد الاتراك .ومعارك الشعيبة سنة 1914 في وجه الغزاة الانجليز وكان لابناء المشخاب دور مركزي قيادي لولبي في ثورة 1920 الخالدة وانتفاضة سنة 1935 ضد حكومة بكر صدقي الاستعمارية وثورة سنة 1941 ضد الحكومة البريطانية واذنابها في العراق .وانجبت هذه المدينة العربية الاسلامية زعماء بارزين لهم صيت ذائع في العراق من ابرزهم الشيخ عبدالواحد الحاج سكر والزعيم الثائر السيد علوان عباس الياسري والسيد نور عزيز الياسري



 والشيخ مبدر الفرعون. ومن مثقفيها الشيخ فريق مزهر الفرعون الذي اتحف المكتبة العراقية بكتب عديدة منها كتاب الحقائق الناصعة في الثورة العراقية وكتاب القضاء العشائري والسيد عبد الشهيد الياسري الذي الف كتاب البطولة في ثورة العشرين والشيخ الشاعر عبد الامير الفتلاوي الذي صدر له سلوى الذاكرين وفاكهة القلوب وديوان الفتلاوي  والعلامة الكبير السيد حسين ابو سعيدة الذي صدر له حتى الآن اكثر من عشرة كتب ابرزها بلاغة الامام الحسين وتاريخ المشاهد المشرفة وانساب السادة الموسوية والاستاذ الكاتب سليم فاضل حذاف الشمري الذي الف كتاب – الرؤيا الحسية عند البياتي – وقبل الختام نعرج على قول الشاعر صادق الفحام الحلي الذي قال : عرف اهل الفيصلية بالبذخ والترف واشتهروا بالكرم ولاتزال خصال قدماء العرب ظاهرة بجلاء بين ربوعها- انها بقعة فراتية الارض عربية النسب اسلامية القلب أبوها الفرات وأمها جزيرة العرب – روحها وطنية وثابة –نخلها باسق وظلها وارف – خيوط شمسها الذهبية تبعث الخيرات وصوت مياهها الشاخب يعطيها ينبوعا خالدا للحياة . انها ملتقى العشائر العدنانية القحطانية في وادي الفرات. بطولاتها خلال قرن من الزمان سجلت تاريخا مجيدا حافلا ومشرفا. هي رجولة وبسالة واباء وشمم ونخوة وشهامة وصمود في وجه عوادي الزمن. زهرة في ربوع وادي الرافدين .عروسة عراقية – نجمة في سماء بلادي – المشخاب لؤلؤة الفرات الاوسط .

أحدث أقدم