النائب العام في النظام القانوني الإنكليزي

 سالم روضان الموسوي

قاضٍ متقاعد



 يحتل النظام القانوني الإنكليزي مكانة عالية ومرموقة ضمن العوائل القانونية العالمية وهذا ما ذكره الدكتور مجيد حميد العنبكي في مقدمة كتابه الموسوم (المدخل لدراسة النظام القانوني الإنكليزي- منشورات وزارة العدل طبعة بغداد عام 1990) ويقول أيضا انه نشأ معتمداً على نفسه وظروفه ولم يعتمد على القانون الروماني، ولفت الانتباه إلى ان النائب العام (الادعاء العام) (The Attorney-General) كان يشكل كيان مستقل عن كل الهياكل العدلية أو القضائية ولا يرتبط بالقضاء أو بغيره وإنما منصب النائب العام شبيه ومناظر لمنصب اللورد كبير القضاة وهو منصب سياسي بالأساس ويعين من الملكة باقتراح من رئيس الوزراء من بين أعضاء مجلس العموم المنتخبين، ومن واجباته تمثيل التاج الملكي في القضايا المدنية ذات المصلحة العامة ويوجه الاتهام في القضايا الجنائية المهمة والصعبة والإذن باتخاذ الإجراءات الجنائية في قضايا الرشوة والفساد الإداري وغيرها من المهام الأخرى وله وكيل يسمى (المحامي العام) وهو منصب سياسي أيضا ويتم اختياره من بين أعضاء مجلس العموم ويعين من التاج الملكي باقتراح من رئيس الوزراء وهذا ما أشار اليها الدكتور العنبكي في كتابه أعلاه (ص162) وهذا النظام اصبح أساس لأغلب الأنظمة في العالم التي جعلت من النيابة العامة كيان مستقل عن الجسم القضائي، لان من مهامه مراقبة أعمالها وله مهام تتعلق بتوجيه الاتهام، بينما القضاء من صفاته الحياد والامتناع عن الميل نحو جهة من جهات الخصومة باي شكل كان حتى لو من خلال تصرفات القائمين على شؤونه التي تفسر أو توحي إلى إنها تتعاطف مع جهة من جهات واطراف الخصومة، وفي العراق استبشرنا خيراً عندما صدر قانون الادعاء العام رقم 49  لسنة 2017 ومنح الادعاء العام استقلال مالي وإداري ومنحه الشخصية المعنوية المستقلة، وأضاف لمهامه مهام تتعلق بمكافحة الفساد تماثل مهام النائب العام الإنكليزي، إلا ان ما اتجهت اليه المحكمة الاتحادية العليا في قرارها العدد 112/اتحادية/2021 في 9/11/2021 بعدم دستورية قد شكل عنصر مفاجأة، لان هذه المواد وعلى وفق الاعتقاد السائد لدى المطلع على الفقه الدستوري بوجود السند لها في المادة (89) من الدستور، والملفت للنظر ان الطعن كان مقدم من مجلس القضاء الأعلى الذي سبق له وان سحب مقترحه بتعديل هذه المواد، كما لوحظ ان الادعاء العام وهو يتمتع بشخصيته المستقلة قبل الحكم بعدم الدستورية، لم يكن له حضور في الدعوى لا من بعيد ولا من قريب وهو المعني بذلك بشكل مباشر، والمناسبة للإشارة إلى النظام الإنكليزي هي ما تتمتع به المملكة المتحدة من فعالية في مكافحة الفساد في ظل وجود هذا النظام القانوني، وكنا نأمل ان ننتفع من هذه الأنظمة القانونية من اجل معالجة حالة الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة، لكن يبقى النظام القانوني الإنكليزي محل أعجاب الجميع في كيفية المعالجة، ويبقى فكر القضاء الدستوري والقضائي تجاه هذا المعالجة المتمثل بقرار المحكمة الاتحادية العليا محل احترام لأنه ملزم للجميع.

 

أحدث أقدم