شعرية الفكرة وزئبقية الدوال .. قراءة في النص الشعري .. متاهات بعد منتصف ليالي الأرق . للشاعر عبد المنعم القرشي

  


 ظاهر ال حبيب

يستنبت النص الشعري المعاصر جذوره في  تربة لغوية  تمتزج  مع  ماهية  النص  المتغايرة  وسعة   تشكل رؤاه   وتعدد  زوايا النظر اليه  فهو نص موارب منفلت من قبضة التركيب والتشكيل الدلالي السطحي المعتاد  كونه   نص  يمتلك ماهية زئبقية في المراوغة وتشتيت

المفاهيم  لا بفوضوية  وعبث منطقي وعقلي بقدر  ما يكشف   عن   مقدرة  الشاعر  على  إرواء   نصه  الشعري بمتحولات  دلالية    تتلبس لبوسات  متغايرة  مع   كل قراءة او إعادة  نظر  في متواليات العلاقات التي تتبدى  عبر  توالي  وتشظي الأفكار من جسد القصيدة التي   تؤسس  على 

هاجس  الفكرة   المراوغة والتي   تتسربل   بالقطع الصوري  الحاد   وتكون مرآة للفكرة القادمة في النص وهذه   كذألك تكون  رحما لفكرة مراوغة  تستبطن      التوجع

ومحاولة الهروب عبر ملاذات الرؤى  المغلفة  بطلاسم الأشباح   ومرايا   مكبلة بقراءات الأحمق والأبله وهما يشكلان بطولة   القرف والتوجع المضادة  لوجود الشاعر  وذاته الباحثة عن الجمال  والحرية والضياء

هكذا تتشكل  صياغة الجملة الشعرية عند الشاعر  عبد المنعم القرشي فهناك نزوعا عند الشاعر نحو السرد وحتى  ومع عتبة عنوان النص الشعري .. متاهات بعد منتصف ليالي الارق   ..  فالعنونة تشي بفحوى الحكي بكثافة شعرية طاغية   بالضياع القبلي الوجودي عبر دلالة متاهات   الضاجة  بالحيرة   وغياب  تحديد  وجهة الشاعر   وجوديا وذاتيا وهذه   المتاهات تتمادى في منعطف زمني مزمن بالتوجع والأسى  فهي تتوالى بعد منتصف ليالي أرق الشاعر وزحمة ذكرياته وإعادة نسخ وقائع يومياته المكبلة بالخيبة  والتكرار  .ان عملية تحديد ضمير السرد في النص الشعري تحدد بسلاسة تعيين موقع من يروي اذ هناك ضمير مخاطب ابتكره الشاعر في النص الشعري يوجه له الخطاب  المسكون بالحركة والتحذير  والتسارع الحدثي    عبر  الأفعال المضارعة   يأتيك الطوفان  ...   تأتيك الخيبات ..    تستقبلك الأشباح.. تتلوى   ..  حجر يتدحرج ... يترك في الرأس ..  ان موقع الراوي هو الشاعر  قد    تقمص دور البطولة فهو  ليس شاهد محايد  بل  يمتلك  قرار وتفسير لما يبصر  ويترجم يومياته    وعبر ضمير المخاطب فهناك انشطار في الشخصية فالشاعر هو  من يخاطب ذاته يحذرها من المجهول  فيقول الشاعر القرشي .    في زاوية مهملة من رأسك ..

يأتيك الطوفان سريعا 

تأتيك الخيبات

وتستقبلك الأشباح

فلا تعرف في أي الأيام سيوقفك الاحمق والأبله

في زاوية مهملة من يومك

أفلام بالأسود والأسود

أوهام تتلوى مثل دخان 

حجر يتدحرج من رأسك

يترك في الرأس فراغا أعمى

ومرايا تتكلم 

في كف الانسان

راس ومرايا 

يقرأها الأحمق والأبله كالغيم

على أبواب البحر

ويتلفها النسيان .

فالشاعر يسرد مذكرات لياليه

التي تتكرر  ويعاد شريطها السينمي في ليالي القرف المكتنزة بأسئلة الشاعر الوجودية ذات  الاستبطان الفلسفي  الذي  لا يغادر القطيعة النفسية والوجودية

ممن ازدحمت بهم  فضاءات الشاعر  الذاتية  فقرف  من لزوجتهم  وعبث  أزمنتهم فهي أفلام بالأسود والأسود 

فهي داكنة مكررة اللحظة والخدر   اليومي   لا تغادر زمنتيها  الميتة   ولا تتلون بألوان الأكوان دلالة على عدم المغايرة في الرؤية  وقبول الرأي الآخر  فهي متاخمة للعدم  ولكنها تزاحم الشاعر  بأوهامها الذي يتبدى كالدخان  ولكن الشاعر يصف قوتها كالحجر النابت في الجمجمة دلالة على الصلادة وقوة البأس في  الأفكار  المهيمنة على ذات   الكائن العبثي     تترك   في الراس فراغا ولكنه أعمى غير مبصر وغير منتج فهو يساوي  عدمه  .. و مرايا تتكلم في كف الانسان  .. 

رأس ومرايا

حيث يلحظ الشاعر سلطة المرايا  الناطقة في كف الإنسان وهو يستجدي ما في تلك المرايا  من صور

 متجددة بالفوضى والصخب

ولكن الشاعر يحدد من يحادث القراءة غير المنتجة

كون  من يقرأ   هما الأحمق

 والأبله في قافلة العمى الوجودي السادر   في   غييه وغيبوبة وعيه   فهي قراءة كالغيم  في طلسميتها  ومتاهتها  وعزلتها  وسفرها نحو الغيب   سائبة  على أبواب   النفي   والمتاهة   يتلفها  النسيان  بعد برهة من الزمن.

أحدث أقدم