التغيير الوزاري هل يقدم حلا للازمة ؟

 



في  وقت متأخر من مساء 9 شباط  2016  وقبيل مغادرته  للمشاركة  في مؤتمر ميونخ للأمن قال رئيس الوزراء حيدر العبادي في كلمة  متلفزة  " لقد تم اختيار السادة الوزراء في الحكومة الحالية على أساس اختيار الكتل السياسية في مجلس النواب كما ينص الدستور على ذلك وضمن التمثيل السياسي وحجم الكتل السياسية في مجلس النواب، وقد اقرها البرلمان على هذا الاساس، غير انني ومن منطلق المسؤولية والمصلحة العليا، ومن مستلزمات المرحلة لقيادة البلد الى برّ الامان، ادعو الى تغيير وزاري جوهري، ليضم شخصيّات مهنية وتكنوقراط وأكاديميين، وأدعو في هذا الاطار مجلس النواب الموقر وجميع الكتل السياسية للتعاون معنا في هذه المرحلة الخطيرة."

 

حاول رئيس الوزراء في الايام التي تلت عودته من ميونخ ، ان يصور ان حل الازمات التي تواجه البلاد ستكون من خلال التغيير الوزاري الذي يرغب في تحقيقه  . 

ففي 20 من شباط 2016  قال العبادي في جلسة لمجلس النواب " ان التعديل الوزاري امر مطلوب وهناك ازمة اقتصادية ومالية تحتاج الى فريق مهني متجانس تمثل فيه المكونات ضمن جو توافقي وليس محاصصاتي. 

ودعا الى تغليب المصلحة العليا للوطن بدلا من المصالح الكتلوية مشيرا الى اننا سنخرج اقوى من السابق ونحقق الانتصارات ونسير بالبلد قدما نحو التقدم والازدهار."

  برغم من ان البلاد تعيش حالة حرب شرسة مع   (داعش) الذي يسيطر على اجزاء واسعة من  شمال و غرب البلاد في الوقت نفسه بدأ تداعيات الاقتصادية الناجمة عن الهبوط الحاد في اسعار النفط .تترك  اثارها على المواطن العادي . تصاعدت الازمة السياسية في البلاد و اخذت الاحتجاجات الجماهيرية  بالتوسع مع انخراط السيد مقتدى الصدر بشكل شخصي  فيها  و اعتصامه  في خيمة داخل المنطقة الخضراء  الامر الذي شكل عنصرا ضاغطا على القوى السياسية 

في 31  اذار 2016 قدم العبادي  تشكيلته الوزارية الجديدة ضمن ملف مغلق إلى رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، الذي حدد مدة 10 أيام لمناقشتها.

وأعلن العبادي، أن تشكيلته الوزارية الجديدة تضم 16 وزيرا باستثناء وزيري الداخلية والدفاع، داعيا مجلس النواب إلى مساعدة حكومته في إنجاز الإصلاح والتغيير الوزاري.

نجم عن دعوة العبادي  الى " تغيير وزاري جوهري، ليضم شخصيّات مهنية وتكنوقراط وأكاديميين" ازمة سياسية  يبدو ان الرجل لم يكن يتوقع تداعياتها .

فقد رفضت اغلب القوى السياسية  الاسماء التي يضمها الملف المغلق والتي سرعان ما تسربت الى وسائل الاعلام 

وبدأت دعوات بشمول التغيير الوزاري  رئيس الوزراء نفسه  يقول  اياد علاوي نائب رئيس الجمهورية المقال   

"رأيي انه اذا لم تتحقق الاصلاحات الحقيقية يتم اقتراحتغييرالكابينةالوزارية بما فيها رئيس الوزراء."  وقدم عمار الحكيم  زعيم المجلس الاعلى   مبادرة للإصلاح  تضمنت تشكيل مجلس جديد يضم زعماء الكتل لسياسية " 

ادى تبني المبادرة وتوقيعها  من قبل كل من الحكيم و العبادي ومعصوم والجبوري بالاضافة الى الجعفري والفياض والشهرستاني والمطلك والنجيفي  وهاشم الهاشمي، والعامري والكربولي  ، موقعين على   قبيل تقديم العبادي لقائمة جديدة  لوزراء الذين اختارهم لحكومة التكنوقراط  . بالتشاور مع الكتل السياسة  الى رفض عدد من اعضاء البرلمان  واعتصامهم في قاعة مجلس النواب  و عقد جلسة تم خلالها اقالة  سليم الجبوري  متهينه بمصادرة راي اعضاء البرلمان  وقد استمر الاعتصام لمدة اسبوعين  نجح بعدها العبادي   ، يوم الثلاثاء،26 نيسان 

2016   بتمرير  تغيير وزاري جزئي  من خمسة وزراء ضمن  قائمة "الملف المغلق"، التي وصف مرشحيها بـ"التكنوقراط"، فيما تم التحفظ على مرشحي ثلاث وزارات اخرى من بينهم بديل لوزير الخارجية إبراهيم الجعفري.وخسر حزب الدعوة، في التعديل الاخير، إحدى الوزارات، لتعطى الى شخصية "سنيّة"، فيما تحولت حصة المكوّن الأخير في وزارة الكهرباء الى مرشح من الصابئة.

بالمقابل تمكن حسين الشهرستاني، من دفع مرشحه البديل لمنصب وزارة التعليم العالي، فيما اخفق البرلمان في تمرير وزارتين أُخريين.

  

رحب الصدر قائلا   إن "إرادة الشعب انتصرت مرة أخرى على إرادة الفساد والفاسدين، فلله الحمد الذي جعل صوت الشعب أعلى من صوت الظلم والظالمين"، مبيناً أن "إرادة الشعب الذي انتفض على بوابات الخضراء انتصرت ليترك بصمته الأولى من خلال إقالة بعض الوزراء الفاسدين وتنصيب تكنوقراط مستقلين، وتلك البصمة قد نحتت أسطورة النجاح في نعش الفساد".

على ان يتم استكمال  الوزراء الباقين يوم السبت 30 نيسان 2016  الا ان الجلسة لم تستكمل  مما ادى الى ان يجمد الصدر عمله السياسي ويعتكف لمدة شهرين  احتجاجا  لا ان جماهير الصدر اقتحمت بناية مجلس النواب السبت  ثم انسحبت منه 


ويبقى التغيير الوزاري لا يمثل العصى السحرية التي يتم من خلالها حل الازمات مالم يتم العمل على اصلاح جملة من القوانين والانظمة  التي يتم  من خلالها وضع الحدود الفاصلة بين الحزب والدولة 

المصدر :مجلة المراياالاسبوعية    

أحدث أقدم