حرب داعش الكيمياوية

 بقلم : حيدر الزركاني

لم يكن الهجوم الذي شنه تنظيم الدولة الإسلامية (داعش ) على قرى ناحية تازة جنوب مدينة كركوك في الثامن من اذار 2016 ، الهجوم الأول الذي يشنه التنظيم بالأسلحة الكيماوية ففي الثالث عشر من اب العام الماضي اكدت وزارة الدفاع الأميركية أن تنظيم "داعش" استعمل ا

 

ففي عمليات تحرير الانبار أصيب عدد من الجنود العراقيين باختناق وصعوبة في التنفس بعد انحفار عبوة وضعت الى جانب الطريق في منطقة الملعب بمدينة الرمادي وعند نقلهم الى المستشفى اكد الأطباء ان الإصابات التي تعرضوا لها نتيجة استشاق غاز الكلور السام

وفي منطقة الصينية تعرض موكب يقوم بتقديم الخدمات للحشد الشعبي للقصف بقذائف المورتر وتبين في ما بعد انها كانت محملة بغاز الكلور

هجوم تازة هو الاول الذي يستهدف المدنيين

لعل ما ميز الهجوم الذي تعرضت له مدينة تازة والتي تسكنها أغلبية من التركمان الشيعة وتقع على بعد 20 كيلومتراً جنوب مدينة كركوك النفطية . بانه الهجوم الاول من نوعه على المدنيين. وقال بيان لمجلس النواب العراقي ان تنظيم داعش غاز الكلور على القوات الامنية في قواطع العمليات

الاان حقده الاعمى وضغينته السوداء لم تشفي غليله الى ان اقدم في يوم الثامن من اذار عام 2016 في الساعة الرابعة عصراً من اطلاق اكثر من اربعين صاروخاً محملا بالاسلحة الكيمياوية التي تحتوي غاز الخردل والكلور من قصبة بشير المحتلة والتي تبعد 3 كيلو مترات عن مركز ناحية تازة مخلفاً وراه اكثر من 800 اصابة من حروق واختناق ومن بين هؤلاء المصابين كان هناك اكثر من 30 حالة متوسطة الاصابة ومن بينها 15 حالة اصابة خطرة ، وبعد البحث والكشف الموقعي من قبل الخبراء و مديرية شرطة الدفاع المدني لكركوك تبين ان الغاز المستخدم هو غاز الخردل وادى هذا الهجوم الى وفاة طفلة بريئة ذات ثلاث السنوات (فاطمة)

وتشرير الاحصاءات المتوفرة الى ارتفاع عدد الإصابات جراء القصف الكيميائي على تازه الى ٢١٥٠ اصابة

عدد الحالات التي تم معاينتها يوم واحد فقط في المركز الصحي ٣٠٠ حالة بينها ٥٠ حالة تم إحالتهم الى مستشفى كركوك العام لعدم توفر أخصائيين

وقال ناشطون من اهالي المدينة في نداء وجهوه عبر مواقع التواصل الاجتماعي

اهم عملو على توثيق المواقع التي تعرضت الى القصف الكيماوي وبلغ عددها 11 موقع في مركز الناحية واكثر من 30 موقع في اطراف الناحية , وقال الناشطون انهم تفاجئوا عند وصولهم الى المواقع التي تقع في الاحياء السكنية... ان معظم اهالي تلك المناطق قد رجعوا الى منازلهم باالرغم من شدة الرائحة الكريهة التي تنبعث من مواقع القصف وظهور حالات واصابات جديدة بين السكان وان معالجات الدفاع المدني لم يجدي نفعنا .اما بخصوص المواقع التي تقع في اطراف الناحية فهناك العشرات منها لم تصل اليه أي الفرق المختصة لمعالجتها .لذا نناشد المسؤولين بضرورة متابعة الملف و مخاطبة الجهات الرسمية لغرض ارسال الفرق المختصة من العاصمة بغداد لمعالجة المواقع وألا فان كارثة الانسانية كبيرة سوف تحدث في ناحية .

تأكيد دولي وانكار حكومي عراقي



حتى الثامن من اذار كان المسؤولون الحكوميون العراقيون ينكرون قدرات تنظيم داعش الكيمياوية وغالبا ما ينفون او يحاولون التخفيف من التقارير الدولية التي تتحدث عن امتلاك التنظيم لقدرة استخدام الاسلحة الكيماوية

فبعد اعلان وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، عن اعتقال سليمان داود البكار، مسؤول الأسلحة الكيماوية في تنظيم "داعش " . خرج وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي خالد العبيدي لنفى أن تكون لداعش أسلحة كيميائية، قائلا إن كل ما لديه هو مواد سامّة مثل الكلورين يمكنه تحميلها في قذائف تقليدية، وقد استخدمها فعلا في بعض المناطق بهدف التأثير على معنويات الجيش.

فيما كذب رئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية حاكم الزاملي بشكل مباشر المعلومات الأميركية بشأن السلاح الكيميائي لداعش قائلا في بيان إن “التقارير والمعلومات الاستخبارية العراقية لم تؤكد امتلاك تنظيم داعش لأسلحة كيميائية”.

وأضاف أن “داعش فقاعة وقد انتهت ولا يمكن إحياء التنظيم لا بالأسلحة الكيميائية ولا بماكينة الرعب الهوليودية التي انطلت سابقا على قطعاتنا في الموصل ولا يمكن تكرارها بعد الانتصارات الأخيرة وهزيمة داعش في كل القواطع”.

كما نفى الزاملي التصريحات الأميركية بشأن اعتقال مسؤول عن الأسلحة الكيميائية في تنظيم داعش.

وقال إنّ “لجنة الأمن والدفاع تابعت التصريحات الأميركية بخصوص إلقاء القبض على مسؤول الوحدة الخاصة بتصنيع الأسلحة الكيميائية لداعش المدعو سليمان داود العفاري.. وبعد التدقيق وتقاطع كل المعلومات تبين أنه لا صحة لهذه الأخبار وهو اسم وهمي ومفترض ولا دليل على وجوده”.

الا ان المتحدث باسم البنتاغون بيتر كوك إن سليمان البكار الملقب بـ"أبي داود" تم نقله سرا إلى الحكومة العراقية، مضيفا أن اعتقاله أزال عنصرا قياديا في تنظيم "داعش" من ساحة المعركة.

وأكد كوك أن البكار "قدم معلومات عن مواقع أسلحة كيماوية للتنظيم وأشخاص آخرين متورطين فيها". وقال إن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة شن ضربات جوية على مواقع لداعش في العراق تعتقد أن بها أسلحة كيماوية بناء على معلومات حصلت عليها من البكار.

وأضاف: "نعتقد أن المعلومات التي تمكنا من الحصول عليها ستسمح لنا بتنفيذ المزيد من العمليات لكن الولايات المتحدة لا تعتقد أنها تمكنت من القضاء نهائيا على قدرات الأسلحة الكيماوية للتنظيم".

وكان مسؤولون أمريكيون قالوا لـCNN، ، إن قوات الجيش الأمريكي نفذت غارات جوية استهدفت مواقع يُعتقد أنها مهمة لبرنامج تنظيم "داعش" للأسلحة الكيماوية، بناء على معلومات حصلت عليها من استجواب قيادي في عمليات الأسلحة الكيماوية للتنظيم. واعتقلت قوات العمليات الخاصة الأمريكية البكار في شمال العراق قبل ثلاثة أسابيع.

و على الرغم من التحذيرات المعلنة للخبراء دوليين من قدرات التنظيم الارهابي على تصنيع واستخدام الاسلحة الكيمياولي الا ان الحكومة العراقية لم تحرك ساكنا او تتخذ الاجراءات الوقائية للحد من قدراته على الرغم من انها تخوض حربا شرسة معه لما يقرب من عامين .

فبعد هجمات باريس وزع الاتحاد الاوربي تقريرا اعتبر صادما للكثير عن قدرات داعش في تصنيع واستخدام الاسلحة الكيمياوية او الجرثومية وقال التقرير ان التنظيم داعش "وقد جند ويستمر في تجنيد مئات المقاتلين الأجانب، بما في ذلك البعض من ذوي الدرجات العلمية في الفيزياء والكيمياء وعلوم الكمبيوتر، والذين يعتقد الخبراء أن لديهم القدرة على تصنيع الأسلحة الفتاكة من المواد الخام".

وقال روب وينرايت، مدير معهد يوروبول Europol، بعد هجمات باريس القاتلة: "نحن نتعامل مع تنظيم خطير، بإمكانيات جيدة جدا، ينشط حاليا في شوارع أوروبا، وهذا يمثل التهديد الإرهابي الأكثر خطورة خلال الـ 10 سنوات الماضية، في سجل مواجهات أوروبا مع الإرهاب".

وقال فولفجانج روديشهاوزر، مدير مركز أسلحة الدمار الشامل في منظمة حلف شمال الأطلسي: "داعش في الواقع اكتسبت بالفعل المعرفة، وفي بعض الحالات الخبرة البشرية اللازمة، التي من شأنها أن تسمح لها باستخدام المواد الكيميائية والبيولوجية كأسلحة للإرهاب الدولي".

قدرات داعش الكيمياوية

بعد استيلاء داعش على مواقع مهمة تحتوي على مواد تدخل في صناعة الأسلحة الكيميائية، واحتمالية استعمالها في تهديد الأمن الوطني، الأمر الذي يتطلب التأهب والاستعداد والتعامل بجدية وبطرق علمية ومدروسة لمواجهة مثل هذه التهديدات.

كما ان وجود عناصر من الخبراء والفنيين متخصصين في التعامل مع الأسلحة الكيميائية من منتسبي التصنيع العسكري في النظام العراقي السابق يعملون في صفوف داعش، مما قد يؤدي إلى توظيف خبراتهم في صناعة الأسلحة الكيميائية.

بالإضافة توافر معادلات كيميائية تسهم في صناعة الأسلحة على مواقع الانترنت والمراجع العلمية المتخصصة؛ مما يسهل عملية الاستعانة بها من قبل داعش في صناعة الأسلحة وتحميلها مواد كيميائية؛ لاستهداف الأجهزة الأمنية والمؤسسات الحيوية.

من اين اتت هذه القدرات في العراق

1-استيلاء داعش على مواد تدخل في صناعة الأسلحة الكيميائية عثر عليها في المواقع الآتية:

أ: موقع مخازن منشأة المثنى التي تحتوي على مواد سامة. تناولت صحيفة الديلي تلغراف بنسختها الانكليزية ليوم 20 يونيو 2014، بأن “داعش” سيطرت على ماتبقى من منشأة المثنى التابعة لوزارة العلوم والتكنولوجيا في منطقة الثرثار غربي مدينة سامراء والتي استعادتها القوات العراقية في اعقاب ذلك. ذكر Damien McElroy في مقال على (الديلي تلغراف) بنسختها الانكليزية يوم 19 يونيو 2014، بأن “داعش” هاجمت منشاة المثنى المعروفة بترسانتها الكيميائية واستطاعت الوصول الى مخزني المنشأة والتي تضم مواد كيميائية تالفة. وبرغم ان ترسانة الاسلحة الكيميائية فاقدة المفعول، لكن ماتزال تمثل قلق الى الغرب والى واشنطن، وهنالك مخاوف من اعادة استخدام المواد الكيميائية السامة في مواجهتها مع القوات العراقية او ضد اهداف غربية داخل او خارج العراق. كانت منشأة المثنى تابعة الى هيئة التصنيع العسكري ماقبل 2003 باشراف منظومة التصنيع العسكري. يشار ان منشأة المثنى تعد اكبر منشأت صنع المواد الكيميائية منذ مطلع عقد الثمانينات من القرن الماضي حتى تفكيكها مطلع منتصف التسعينيات من قبل فرق التفتيش الدولية. المنشأة تبعد 20 كيلومترا تقريبا، جنوب مدينة سامراء- مكون من قنابل جوية وقذائف وصواريخ مدفعية، ورؤوس صواريخ سكود، حيث تم خزن المواد الكيميائية في المنشأة في مخابئ تحت الأرض، بنيت من الخرسانة المسلحة السميكة والمغطاة بطبقة من الطين الرملي يبلغ علوها ثلاث امتار وكانت سعة غرفة التخزين الرئيسة تصل الى 10.800 متر مكعب. وفي هذا السياق أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في عدة مناسبات، أن هناك معلومات عن تدريب مقاتلين في أفغانستان على استخدام الكيميائي وان داعش والنصرة تخطط لنقل مواد سامة إلى العراق لتنفيذ أعمال إرهابية هناك وقال إن أنباء ظهرت مؤخرا عن استخدام بعض المناطق في أفغانستان، التي لا تخضع لسيطرة حكومة كابول، من قبل دول ثالثة، لتدريب مقاتلين من أجل إرسالهم لمحاربة النظام السوري، بالإضافة إلى تدريبهم على استخدام مواد سامة.

ب:مواقع في جامعة الموصل وكلية الزراعة في الموصل تحتوي على مواد كيميائية تستعمل لإغراض البحث العلمي.

ت: شركة البتروكيماويات الواقعة في ناحية جرف النصر-منطقة الجنابيين تحتوي على أكداس واعتدة ومواد كيميائية.

ث:قاعدة عسكرية تابعة للجيش السوري في قرية رأس العين استولت فيها جبهة النصرة على مواد كيميائية تم نقلها إلى مدينة الموصل في العراق.

ح- مواد كيميائية في منشأة القعقاع، إحدى المنشآت التابعة للتصنيع العسكري السابق.

ج: معمل فوسفات القائم القريب من الحدود العراقية السورية، استولى فيه المسلحون على 169 طنا من سماد ثلاثي الفوسفات و3135 طنا من سماد مركب، وتم تعيين مهندس من أهالي الموصل حاصل على شهادة الماجستير في الكيمياويات كمدير للمعمل.

ح: مخازن وزراة الزراعة في قضاء الحويجة تحتوي على خزين مادتي السوبر فوسفات والسوبر الثلاثي وبعض المبيدات الزراعية، والتي تقدر كميتها 300 طن تقريباً.

د: الاستيلاء على بعض مخازن ومشاريع تصفية مياه الشرب ومستودعات الكلور في محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار وديالى,

2-اكتشاف مصنعان يستعملان لإجراء تجارب تركيب أسلحة كيميائية من قبل إحدى خلايا داعش، التي ألقي القبض عليها وكانت تنوي شن هجوم بأسلحة كيميائية داخل العاصمة بغداد.

3-عثرت قيادة عمليات بغداد بتاريخ 31 كانون الثاني/يناير عام2014م على كدس من المواد الكيميائية وصواريخ وعبوات ناسفة في جنوب بغداد يستخدمها تنظيم داعش في هجماتهم.

4-خزّن داعش كمية كبيرة من الصواريخ المحورة تحوي على مواد سامة في مستودع بقضاء تلعفر، وأدخلت كمية من الصواريخ المتنوعة إلى قضائي البعاج وسنجار.

الرد العراقي

على الرغم من ان رئيس الوزراء العراقي تعهدات برد على استهداف المدنيين بالأسلحة الكيمياوي بعد استهداف مدينة تازة الا انها لا تعدو حديث ترضية وتطييب خواطر . فلا زالت عمليات العمليات العسكرية التي تشن ضد تنظيم داعش تخضع لحسابات سياسية و قومية ومذهبية بالاضافة الى حسابات التحالفات الدولية التي تحارب داعش ويبقى الاطفال والشيوخ والنساء والناس الأبرياء ضحية تلك الصراعات

أحدث أقدم