الحملات الانتخابية وتأثيرها في توجهات الناخبين





حيدر الزركاني

مدير مركز المرايا للدراسات والإعلام

 

الانتخابات البرلمانية المزمع اجرائها في العاشر من تشرين اول المقبل تعد انتخابات استثنائية بامتياز بالنسبة للتجارب الانتخابية السابقة ،التي جرت في العراق منذ 2005 ، حيث اول تجربة انتخابية فهي انتخابات مبكرة و ستجري وفق قانون انتخابي جديد غير مجمع علية من القوى السياسية والفعاليات الاجتماعية، اعتمد الدوائر الانتخابية المصغرة حيث تم تجزئة المحافظة الواحدة الى عدة دوائر انتخابية كما ان الترشيح والانتخاب سيكون على أساس فردي للمرشحين وليس على أساس القوائم الانتخابية الحزبية على خلاف التجارب السابقة وتضاعفت مدة الدعاية الانتخابية   مرتين فامتدت لثلاث اشهر بعدما كانت شهر في محاولة لأتاحه الفرصة للمرشحين لتقديم انفسهم و برامجهم للناخبين .

سيركز هذا المقال على محاولة فهم تأثير الحملات الانتخابية على توجهات الناخبين في العراق استناداً الى التجارب السابقة والمتغيرات السياسية التي حدثت بعد تشرين اول 2019 اذ ان هذه الانتخابات هي نتاج تلك الاحداث و المتغيرات ، لكن قبل البدء لابد لي ان اثبت قناعتي الشخصية في ان احداث تشرين لم تحدث ذلك التأثير الاجتماعي العميق الذي يغير القناعات العامة اتجاه القوى السياسية الحاكمة رغم الامتعاض العام من الأداء السياسي والرفض العام للشخصيات السياسية 


فيديو من انتاج مفوضية الانتخابات يبين ان الانتخابات المقبلة  هي نتاج احداث تشرين 2019 

الحملات الانتخابية

فالحملات الانتخابية هي طريقة تحضير المرشحين والأحزاب السياسية لأفكارهم ومواقفهم بشأن مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية  ، وعرضها على الناخبين في الفترة السابقة ليوم الانتخابات. فيستخدم المرشحون مجموعة متنوعة من التقنيات لبلوغ الناخبين ونقل رسائلهم إليهم، بما في ذلك   وسائل الإعلام التقليدية والجديدة وشبكات التواصل الاجتماعي ، والمناسبات العامة، والمواد المكتوبة، أو غيرها من الوسائل. وفي بعض الدول، يتم توزيع مساحات زمنية محددة في وسائل الإعلام العامة على المرشحين لهذا الغرض بالذات (اعتبار أنها تصب ضمن إطار التمويل غير المباشر للحملات العامة). ويعتبر التوقيت الرسمي للحملة الانتخابية، الذي يمتد لثلاث اشهر تقريبا قبيل اليوم الانتخابي، ملزمة قانونا.

ان احداث تشرين لم تحدث ذلك التأثير الاجتماعي العميق الذي يغير القناعات العامة اتجاه القوى السياسية الحاكمة رغم الامتعاض العام من الأداء السياسي والرفض العام للشخصيات السياسية

اذ تنتهي الفسحة القانونية لتمويل الحملات قبل 24 ساعة  من اليوم الانتخابي، تسود من بعدها "فترة صمت انتخابي" تستمر حتى ما قبل المباشرة بالتصويت. ويقوم المرشحون والأحزاب بإنشاء مراكز فعلية ينفذون من خلالها نشاطات الحملة والعمليات بشكل عام.   

 

أهمية الحملات الانتخابية

 

تعتبر الحملات الانتخابية ضرورية لتحفيز الناخبين و المناصرين لتقديم الدعم للمرشحين مساعدتهم على الفوز في الانتخابات من خلال الادلاء بأصواتهم . و حرصا على أن تعكس الانتخابات في نهاية الأمر إرادة المواطنين، فان الحملات الانتخابية يجب أن تكون مصابيح كاشفة تسلط الأضواء بشكل متساوي لتعكس البرامج الانتخابية والافكار والسياسات التي المرشحون  الكيانات والأحزاب السياسية  المشاركة في الانتخابات و تعرف الناخبين بالمرشحين و سيرتهم الذاتية و العملية السابقة و تكون موارد هذه الحملات معروفة ومعلنة ومتوازنة.  

الانتخابات البرلمانية المزمع اجرائها في العاشر من تشرين اول المقبل تعد انتخابات استثنائية بامتياز بالنسبة للتجارب الانتخابية السابقة التي جرت في العراق منذ 2005 حيث اول تجربة انتخابية

 



التأثير على توجهات الناخبين

 


لقد كانت الحملات الانتخابية في التجارب ال السابقة تتوسل بطرق معينة تشكلت كسمات مميزة للحملات الانتخابية في الانتخابات في العراق يمكن توصيفها بما يلي :

1-    بعدم التركيز الواضح على البرامج الانتخابية للمرشحين والكيانات السياسية

2-   بروز كبير للانتماءات العشائرية والطائفي و المناطقي  والقومي  انتخابات على الرغم من ان انتخابات عام  2018 شهدت  انحسار الشحن الطائفي و القومي واثارة العنف الى حد كبير عما كانت علية في الدورات السابقة .

3-       واستغلال النفوذ والوظيفة العامة    

4-    بالرغم من وجود نظام صادر عن المفوضية العليا للانتخابات يلزم المرشحين افرادا و کیانات بحدود معينة للأنفاق على الحملات الانتخابية الا ان انعدام الشفافية في الاتفاق ادى الى عدم تكافؤ الفرص بين المتنافسين سواء كانوا كيانات واحزاب فيما بينها او مرشحين في داخل الحزب الواحد. ففي الوقت الذي حدد فيه النظام رقم (1) لسنة ۲۰۱۳ النافذ حد الانفاق الانتخابي للمرشح ب 50 دينار مضروبا بعدد الناخبين في الدائرة الانتخابية فانه حدد سقف الانفاق للكيان السياسي بالمبلغ المخصص للمرشح مضروبا بعدد مرشحي ذلك الكيان

ان قانون الانتخابات الجديد الذي يعتمد الدوائر المصغرة والقائم على الترشيح الفردي سيعزز من استخدام الانتماء العشائري والطائفي والقومي كمرتكز للدعاية الانتخابية نتيجة لضيق مساحة الدائرة الانتخابية في محاولة للتأثير على الناخبين


لكن لا يمكن في اي حال من الأحوال معرفة المبالغ المصروفة فعلا في الحملات الانتخابية او التوسل الى سبيل لنشرها لاطلاع الراي العام على تأثير المال في توجيه ارادة الناخبين مع شبهات فساد كبيرة وعميقة في العملية السياسية التي يقودها الكثير من المرشحين ،فضلا عن استخدام المال العام في الدعاية الانتخابية

5-  تميزت التغطيات الإعلامية بعدة مميزات منها الاستخدام الكبير لشبكات التواصل الاجتماعي و التطبيقات الاتصالية الحديثة ظاهرة انتاج اغاني ومقاطع فيديو تمجد بالأشخاص وبانتماءاتهم العشائرية ضعف في البرامج الحوارية و المناظرات التلفزيونية نتيجة تأثر القنوات التلفزيونية بطبيعة التمويل والاعلان مما ادى الى غياب تكافؤ الفرض  اذ  تمكن عدد قليل اخر من الظهور لعشرات المرات وفي مختلف القنوات الفضائية      

6-  اكتفت اغلب الكيانات والأحزاب السياسية   بنشر الصور المرشحين ولم تولى الاهتمام المطلوب بعمليات تثقيف الناخبين وحثهم على المشاركة اذ أن عدم المشاركة او قلتها ياتي في صالح الأحزاب الكبيرة والمتنفذة

 

 الحملات الانتخابية في ضوء قانون الانتخابات الجديد

 

    


ان قانون الانتخابات الجديد الذي يعتمد الدوائر المصغرة والقائم على الترشيح الفردي سيعزز من استخدام الانتماء العشائري والطائفي والقومي كمرتكز للدعاية الانتخابية نتيجة لضيق مساحة الدائرة الانتخابية في محاولة للتأثير على الناخبين .




ان الحملات الانتخابية يجب أن تكون مصابيح كاشفة تسلط الأضواء بشكل متساوي لتعكس البرامج الانتخابية والأفكار والسياسات التي المرشحون  الكيانات والأحزاب السياسية  المشاركة في الانتخابات


كما ن استغلال موارد الدولة و المنصب الوظيفي لبعض المرشحين من خلال الوعود بتحقيق المصالح الفردية والمناطقة سيكون واحد من الادوات في الحملات الانتخابية وقد برز ذلك بوضوح  في تحركات بعض السياسيين  المرشحين في للانتخابات في الشهر الماضي  الشهر الماضي 

كما ان العنف المتبادل سيكون امرأ متوقعا في ضل التوتر الاجتماعي الحالي

  

 دور شركاء العملية الانتخابية

  ان القيام بعمليات التوعية الانتخابية من قبل شركاء العملية الانتخابية وخاصة تلك التي تقوم بها المفوضية العليا للانتخابات و منظمات المجتمع المدني و عمليات الرصد والمراقبة  ستكون عاملا مساعدا في حث المواطنين على المشاركة و توعيتهم في ضرورة ان يكون البرنامج الانتخابي هو المعيار الاول للاختيار  كما ان دور المفوضية في توعية الناخبين باليات التصويت الجديدة و بقانون الانتخابات مهم جدا لبناء الثقة بالعملية الانتخابية

 كما ن على الاحزاب و الكيانات السياسية بناء حملاتها على اساس البرامج التي تسمح بخدمة الوطن والمواطن

 

 

أحدث أقدم